القاهرة - mbc.net
في تجاوب مع الجدل الذي أثاره تدشين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بالسعودية، والتي تضم لأول مرة طلابا وطالبات؛ أفتى رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة بفتوى تعد الأقوى من نوعها، ذكر فيها الأدلة التي تثبت أن الاختلاط بين النساء والرجال كان هو الأصل في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، مشيرا إلى أن من يقولون بمنعه لا يملكون إلا دليلا ضعيفا، أو دليلا صحيحا دلالته عليهم لا لهم. وأشار في فتواه أيضا إلى أدلة تبيح للرجال الاستماع إلى غناء النساء، أو تبيح للنساء تضييف الرجال، وعيادة المريض منهم.
في الوقت نفسه؛ أثارت قضية الاختلاط جدلا في ناس MBC، ما بين مؤيد للاختلاط، وخاصة مع وجود أدلة شرعية صريحة، وما بين رافض له، بينما اعتبر فريق ثالث أن القضية الأهم ليست الاختلاط عند مناقشة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ولكن أن تتحول من العربية إلى الإنجليزية.
وفي حوار مع صحيفة عكاظ السعودية قال الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي -رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة- إن الاختلاط هو الأصل، وإن القول بتحريمه هو افتئات على الشارع، وابتداع في الدين، وأضاف أن الاختلاط لم يُعرف عند المتقدمين من أهل العلم، لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه، بل كان الاختلاط أمرا طبيعيا في حياة الأمة ومجتمعاتها.
وقال: إن "الاختلاط" هو مصطلح طارئ غير معروف بذلك المعنى عند المتقدمين في مباحث الفقه. وأوضح: لذلك كان الخلط في حكمه أكثر جناية حين قال بتحريمه قلة لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه، وهو قدوتنا في امتثال التشريع في كل شؤون الحياة المختلفة، والحق أن الاختلاط لم يكن من منهيات التشريع مطلقا، بل كان واقعا في حياة الصحابة.
وأورد الشيخ قائمة من الأحاديث الصحيحة التي وردت جميعها في صحيح البخاري، وتؤكد أن الاختلاط كان هو الأصل في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، ومن بين ما تبيحه هذه الأحاديث خروج النساء للأسواق مع الرجال، وإباحة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لزوجته سودة لما استنكر عمر بن الخطاب ذلك منها، وهي أم المؤمنين.
وكذلك خدمة المرأة لضيوف زوجها، واستقبالهم، ومجالستهم، وتضييف المرأة للرجال الغرباء، وإعداد الطعام لهم، وإن لم يكن معها زوجها، وجواز عيادتها المرضى من الرجال ولو كانوا من غير أقاربها، وأورد أحاديث أخرى تدل على إباحة غناء النساء في حضرة الرجال، وضربهن الدفوف، وجواز سماع الرجال لذلك بعدما فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأحاديث تؤكد إباحة وضوء الرجل مع المرأة في مكان واحد، بل ومن إناء واحد.
وأورد الشيخ في فتواه أحاديث أخرى تدل على أن نساء الصحابة كنّ يخرجن لخدمة الرجال في الجهاد، فيسقينهم، ويطببن جرحاهم، ويحملن قتلاهم إلى المدينة، وأحاديث تكشف أن امرأة كانت تتولى بنفسها تنظيف مسجد الرسول في حضور الرجال، وأن الرسول افتقدها لما غابت، فسأل عنها وشهد جنازتها لما علم بموتها.
وأشارت أحاديث أخرى مما تضمنته الفتوى إباحة أن ينتحي الرجل بامرأة لتُسرّ له بسرّ كما فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وجواز أن يزور الرجالُ المرأةَ في غيبة زوجها إذا كانوا أكثر من واحد كما في حادثة عودة أبي بكر الصديق إلى بيته ورؤيته رجالا في زيارة زوجته الصحابية أسماء بنت عميس، وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك.
وكان من أبرز ما لفتت إليه الأحاديث التي أوردها الشيخ أنه يجوز للمرأة أن تقوم بفلي رأس الرجال الغرباء عنها، وحلق شعورهم، أو قصها، كما فعلت أم حرام بنت ملحان زوجة عبادة بن الصامت برأس الرسول صلى الله عليه وسلم، ففلت رأسه حتى نام، وكما فعل أبو موسى الأشعري بمكة عندما أهلّ بالحج، فوقف بامرأة فلت رأسه، وأورد الشيخ أحاديث عديدة تدل على جواز مصافحة الرجال للنساء، بل وقيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك، كما كشفت أحاديث أخرى عن أنه يجوز أيضا أن يردف الرجل وراءه امرأة غريبة عنه، كما في حادثة الرسول -صلى الله وعليه وسلم- عندما أناخ ناقته في جمع من الرجال عندما رأى أسماء بنت أبي بكر تحمل النوى فأراد أن يردفها وراءه.
التناقض المذموم شرعا
واتهم الشيخ مانعي الاختلاط بالوقوع في التناقض المذموم شرعا قائلا: تجد بيوت كثير من المسلمين -ومنهم مانعو الاختلاط- مليئة بالخدم من النساء يقدمن الخدمة فيها، وهي مليئة بالرجال الأجانب عنهن، وفي مظهر قد يكون من أشد مظاهر الاختلاط في حياتنا اليومية. إن من يحرمون الاختلاط يعيشون فيه واقعا، وهذا من التناقض المذموم شرعا.
وتابع قائلا: يجب على كل مسلم منصف عاقل لزوم أحكام الشرع دون زيادة أو نقص، فلا يجعل من حماسته وغيرته مبررا للتعقيب على أحكام الشرع، وقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك على سعد بن عبادة -رضي الله عنه- حين قال: «والله لأضربنه بالسيف غير مصفح»، في شأن من وجد مع امرأته رجلا آخر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: «أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأغير من سعد، والله أغير منا، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن»، قال الحافظ ابن عبد البر: «يريد والله أعلم أن الغيرة لا تبيح للغيور ما حرم عليه، وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله، وألا يتعدى حدوده، فالله ورسوله أغير».
فكيف يزايد البعض على المشرع الحكيم، وقد زعم أنه آمن بالله مسلما بحكمه.
وأضاف: «لقد ارتفع ضجيج المانعين، وعلت أصواتهم في قضية «الاختلاط» مع أن الحجة مع من أجازه بأدلة صريحة صحيحة، فضلا عن استصحاب البراءة الأصلية، وليس مع المانعين دليل إلا ضعيف الإسناد، أو صحيح دلالته عليهم لا لهم».
الدكتور الغامدي إلى أهمية سياق الأدلة الصحيحة الصريحة، وسياق ما احتج به المانعون؛ ليبصر الحق كل منصف دون تعسف او شطط
منقول
ام محمد