هل نفتقر إلى المكاشفة و التفاهم؟؟
عشرون سنة بل و أكثر هو الفارق الزمني بين الآباء و الأبناء فبأي وحدة يقاس الفارق الفكري و هل هو بحجم الفارق الزمني؟
( عندما كنا صغار كان لا بد من إخافتنا من العقاب ولكن بعد إذ بدأنا نتعرف على الواقع و نفكر فلابد من التفاهم)
ما هو الحل لسد الفجوة بين الجيلين؟
بما أنني أقع في جيل الأبناء, سأحاول الإجابة عن هذه الأسئلة من جانبي و سأنتظر من هم في جيل الآباء ليطرحوا آرائهم و أفكارهم علنا نتوصل إلى شيء ما.
نتيجة لحرص آبائنا على سلامتنا و على السوية الأخلاقية التي يحاولون إبقائنا فيها فإنهم يفرضون العديد من القيود متناسين ضرورات الانطلاقة الشبابية في مواجهة الحياة واكتشاف مخابئها بل و مسايرة ما وصل إليه شباب جيلنا من المعرفة- سلبية كانت أم إيجابية- و أول هذه القيود هو الغموض.
في مرحلة النمو يكتشف كل من الشاب و الفتاة الانجذاب المتبادل بينهما و يكتشف في الوقت نفسه حرص الأهل على التصدي لهذا الانجذاب دون ذكر المبرر في معظم الأحيان. يحضرني المثل المعروف( كل ممنوع مرغوب) فإن لم تكن التوعية مصحوبة بمبرر مقنع سينقلب الحرص المانع إلى محفز قوي لاكتشاف الممنوع في مرحلة يهمل فيها عقل الشاب أو الفتاة طبيعة المجتمع و عاداته, باعتقادي يجد أن يلعب الوعي الأسري دوره للتوصل إلى صيغة توافقية بين الموقف و المانع, فكلمة (لا) لا تكفي لإبعاد الخطر عن الأبناء بقدر ما تكفي لإثارة هرمون (التحدي).
إذاً وصلنا إلى فجوة التفاهم بين الجيلين فربما يعتقد الوالدان أنه من المبكر كسر حاجز الحياء للتعريف بالمخاطر الناتجة عن العلاقات بين الجنسين أو ربما من الافتقار للأسلوب أو المعلومات اللازمة لإقناع الشاب أو الفتاة بالابتعاد عن التدخين أو عن مضار السهر و ربما أيضاً من فقر إلى مبرر قوي إلى تحريم السهر, و ربما طال التحريم وجود الأصدقاء في حياة الجيل الجديد و بحجج واهنة لا تفضي إلى فض القناعة الراسخة في ذهن الشباب.
نحن نطلب من آبائنا أن يفهموا ما نريد القيام به و متطلبات عصرنا و نشجب الحجج الواهية بينما نخفي الكثير من أسرارنا و مشاكلنا مخافة التدخل (السلبي باعتقادنا) و سماع نصائح بصيغة أوامر تبدأ بـ (لا), و ما أردته بالمكاشفة هي تحويل حديث السهرة (إن وجد) عن الحديث الفارغ إلى مناقشة سليمة يتم بها الكشف عن الخفايا من كلا الطرفين و تبادل الخبرات. و لكن السؤال الأهم كيف يتم ذلك؟؟
في الواقع نجد أن الآباء يستنكرون عدم تفهم الأبناء بينما يرد الأبناء بالمثل و هما أشبه برجلين على سلم, فواحد في الأسفل و واحد في الأعلى و كل منهما يحتاج شيء من الآخر فلا الأسفل يسترضي الصعود و لا الأعلى يسترضي النزول فيبقى كل منهما منقوص مما أراد, ولكن إن اتفقا على إيجاد منطقة حيادية بحيث ينزل العلوي قليلاً و يصعد السفلي قليلاً فيتم التواصل بينهما دون عناء.
على أبي أن يكون صديقي و علي أن أكون خليله و عونه
بدون فسحة المكاشفة لن نحصل على معطيات التفاهم, إذاً التفاهم هو نتيجة التواصل المفقود في الفجوة و ردم هذه الفجوة يحتاج إلى تكاتف الأيدي الكبيرة و الصغيرة معاً
أما مسألة الفارق الفكري فهي جزأ أساسي من المشكلة في حين يتمسك الآباء بما شبوا عليه يتقدم الجيل الجديد مصحوباً بتطور التكنولوجيا و الاتصالات مما يؤدي إلى انفتاحه على عادات الشعوب الأخرى فينتقي ما يروق له ليدخله إلى مجتمعه فالمسألة باختصار هي صراع التجديد و المحافظة. في هذه المرحلة يجب على الجيل الجديد أن يكون متفهماً لما يتناسب مع طبيعة الحياة و الدين و العرف و على جيل الآباء أن يكون متفهماً لمتطلبات الحياة المعاصرة و ذلك بمتابعة اختيارات الأبناء و تشجيعهم على الولوج في الجديد المناسب تفادياً للانتقاء العشوائي غير المراقب, بحيث لا تتسع الفجوة و تمتلئ بالسلبيات لنجد مجتمعنا غارق في مكافحة الجرائم و المخدرات و إلى ذلك من الأوبئة الاجتماعية
بانتظار مداخلاتكم