هند بنت النعمان، الحسناء الفصيحة. ----------------------------------
كانت هند بنت النعمان إحدى نساء العرب المشهورات بالجمال والحكمة والفطنة تزوجها الحجاج بن يوسف الثقفي ، فكرهته وتثاقلت منه وذات يوم وهي تداعب خيوط شعرها أمام المرآة محدقة في وجهها الجميل وعيونها الأخاذة فانشدت تقول :
وما هند إلا مهرة عربية
سليلة أفراسٍ تحللها بغل
فإن ولدت فحلاً فللّه درها
وإن ولدت بغلاً فقد جاء به البغل
(وربما كان :وإن ولدت بغل فوالده البغل)
فسمع الحجاج ما أنشدت فانزعج وأرسل إليها صداقها(المؤخر) مع واحد من خدمه ومقداره مائتي ألف درهم . فدخل عليها وبلّغها كلام الحجاج قائلاً : يقول لك سيدي كنت فبنت ( الفيك عرفناها) وهذه المائتي ألف درهم التي كانت لك قبله ، ففرحت كثيراً وسُرت بالخبر وقالت للخادم إعلم يا هذا ( انا والله كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا وهذه المائتي ألف درهم التي جئت بها بشارة لك مني لخلاصي من كلب بني ثقيف) .
سمع بقصتها عبد الملك بن مروان فأكبرها وعجب منها، فتقدم، لخطبتها فارسلت له كتاباً مع رسوله إليها قالت فيه ، بعد السلام والثناء : اعلم يا أمير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب ، فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك كثيراً وكتب لها يقول : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن بالتراب فيطهر.
فلما قرأت كتابه فهمت قصده فكتبت بشرطها إليه ، قائلة : يا أمير المؤمنين ، والله لا أحل العقد إلا بشرط ، فإن قلت ما هو الشرط قلت : أن يقود الحجاج محملي إلى بلدك التي أنت فيها ويكون ماشياً بحليته التي كان فيها قبل الإمارة، فلما قرا كتابها ضحك كثيراً وأرسل إلى الحجاج يأمره بما طلبت هند ، نفذ الحجاج أمر الخليفة وهو طائع و أخذ بزمام البعير بعد أن ركبت عليه - على البعير طبعا- هند وهي تضحك عليه وتتحدث مع خادمتها واسمها الهيفاء قائلة : اكشفي لي سجف المحمل (أي غطاء المحمل) فكشفته فوقع وجهها في وجه الحجاج فضحكت ، فانشد قائلاً :
فإن تضحكي مني فيا طول ليلة
فأجابته على الفور وهي فخورة بزواجها من الخليفة قائلة :
وما نبالي(لاابالى) إذا أرواحنا سلمت
بما فقدناه من مال ومن نشب
فالمال مكتسب والعز مرتجع
إذا النفوس وقاها الله من عطب