وداعاً للحرية، وداعاً للخصوصية
انتبه! هاتفك الخلوي يتجسَّس عليك
التكنولوجيا تتيح للمخابرات تصوير أي مطلوب أو التنصت عليه أو تعقبه عبر تحويل أي جهاز رقمي يملكه إلى جاسوس الكتروني.
ميدل ايست اونلاين
وصلت تكنولوجيا التجسس في العالم إلى مرحلة مرعبة مع التقدم التكنولوجي الهائل الذي تشهده البشرية.
وأصبح بمقدور المؤسسات الاستخبارية أن تصور أي مطلوب أو تتنصت عليه أو تتعقبه على أقل تقدير بواسطة عدد من الأجهزة الالكترونية التي يقتنيها.
واعترفت وكالة التحقيقات الفدرالية الأميركية "اف بي آي" العام الماضي بنجاحها في تعقب مطلوبين والقبض عليهم عبر استغلال هواتفهم النقالة.
ولا يقتصر الأمر على التنصت على المكالمات بل إنه يتعدى ذلك خطورة بكثير.
إذ يمكن تحويل الهاتف النقال نفسه الى أداة للتجسس بتشغيل المايكروفون الداخلي أو الكاميرا بحيث يتسنى تسجيل كل حركات المطلوب وسكناته دون علمه حتى وان لم يكن يجري مكالمة.
والمخيف هو ان بمقدور الأجهزة الأمنية تحويل الهاتف الى جهاز للتجسس حتى وان كان مطفأً.
ونقلت شبكة فوكس نيوز الأميركية عن أحد خبراء التجسس باستخدام هذه التقنية ان الاف بي آي توصلت بالفعل إلى طريقة للتجسس في حال إطفاء الهاتف، وأنه لا يمكن وقفها الا بنزع بطاريته نزعاً تاماً.
وتقوم الفكرة على تلغيم جهاز الضحية ببرنامج خاص يقوم بتحويل عدد من القطع الالكترونية الداخلية للجهاز إلى أدوات تسجيل وبث خاصة.
وتعتمد المعلومات التي يمكن للاستخبارات أن تتوصل إليها على ذكاء الهاتف؛ فكلما زاد الجهاز تعقيداً وجدَّة، زادت نسبة النجاح في الحصول على معلومات مهمة.
فإذا لاحظت نشاطاً غير اعتيادي في هاتفك النقال، كالاستنزاف غير المعتاد لشحن البطارية، أو السخونة الدائمة، أو زنَّة مكالمة عند تقريبه من سمَّاعات وانت غير متصل بأحد، فاعلم أن هذه مؤشرات تدل على أن هاتفك الخلوي قد يكون يتجسس عليك.
ولا يقتصر الأمر على أجهزة الهواتف النقالة، فكل جهاز رقمي حديث تقريباً يمكن تلغيمه على هذا النحو، بدءاً من أجهزة الكمبيوتر وليس انتهاء بشاشات البلازما والـ"ال سي دي" ومشغلات الموسيقى الرقمية والأجهزة الرقمية الموجودة في السيارات.
ولا يكاد يخلو بيت في العواصم العالمية من هذه الأجهزة.
وطرحت شركات عالمية شاشات "ال سي دي" وبلازما تحتوي على كاميرات مراقبة خفيَّة، ويمكن توفيرها بحسب رغبة الزبون، لمراقبة الأطفال أو البيت في حال غيابه عنه.
لكن طرح هذه التكنولوجيا تجارياً يعني أن من الممكن أنها استخدمت من قبل أجهزة الاستخبارات سابقاً كذلك، مما يعني أن بالامكان تصوير المطلوب بدقة عالية حتى ولو كان في غرفة نومه.
ويعزز هذا الاحتمال تقارير حول اكتشاف عدد من المستخدمين لكاميرات خفية في شاشاتهم دون طلبهم ولا حتى إعلامهم من قبل الشركات المصنعة.
وتقوم الأجهزة الأمنية الأميركية بمراقبة كل رسائل البريد الالكتروني، وتخزن نسخاً منها ومن التسجيلات الصوتية للمكالمات المراقبة في أجهزة كمبيوتر عملاقة لاستخدامها ضد المطلوب لاحقاً.
والتطور الجديد في هذا المجال هو اتفاق هذه الاجهزة مع عدد من مزودي خدمة الانترنت لتسجيل كل الحركات التي تتم على الشبكة العنكبوتية، وبوسع بعض الشركات أن تسجل نحو 10 غيغابايت من النشاط في الثانية باستخدام أجهزة عملاقة، وهذا يعني رصد النشاط على مواقع ضخمة كمكتبة الكونغرس في أقل من ربع ساعة.
ورغم أن التجسس بهذه الطريقة يكون غالباً موجهاً نحو أشخاص بعينهم، إلا أنه يمكن للمخترقين بدورهم أن يستغلوا هذه التكنولوجيا لمراقبة من شاءوا وكيفما شاءوا دون ضوابط ولا حتى علم الضحية.
فبرامج التجسس مطروحة في الانترنت بشكل تجاري، ويمكن لأي شخص اقتناء أحدها بضغطة زر وبطاقة ائتمان، ومع بعض المهارات التقنية بإمكانهم اختراق خصوصية الجميع.
ويبدو أن هذه التكنولوجيا إن استمرت بالتطور غير المنضبط على هذه النحو ستدفع البشرية إلى توديع الخصوصية والحرية إلى الأبد.