الفاطر : اسم صفة ومبالغة من فطر أي شق وابتدأ طبيعة الشيء فأظهره وأبانه .لقد تأملت الكلام المنقول في حكم قول غير الصائم أنا فاطر....
وتبين لي أنه ليس بصحيح، وأن الحكم على من قال عن نفسه فاطر بالشرك لا دليل عليه، ويدل على ذلك ما يلي:أولا: أصل كلمة فاطر من فطر، وهو في اللغة فتح الشيء وإبرازه، والفطر بكسر الفاء وسكون الطاء، هو الاسم من الإفطار وهو ما يأكله الصائم، وأما الفطر بفتح الفاء وسكون الطاء فهو الشق، ويقال: فطر -بفتح الفاء والطاء- الله الخلق أي خلقهم وبدأهم، واسم الفاعل منه فاطر، وفطر الصائم: أكل وشرب، ويقال: أفطر، ويقال: فطر ناب البعير أي طلع، ويقال: فطر الأمر: أي ابتدأه وأنشأه.فكلمة فاطر اسم فاعل، من فطر، والفعل الثلاثي المتعدي إذا كان على وزن فعل -بفتح الفاء والعين- جاز أن يكون اسم الفاعل منه على وزن فاعل، وأما إذا كان الفعل زائدا على ثلاثة أحرف فاسم الفاعل منه على وزن المضارع بعد زيادة ميم في أوله مضمومة، ويكسر ما قبل آخره، فقولنا: أفطر، اسم الفاعل منه: مفطر.وبناء على ذلك يجوز إطلاق لفظ فاطر على الصائم، وأحسن منه أن يقال: مفطر.ثانيًا: إن اسم فاطر لم يرد في القرآن إلا مضافًا، قال تعالى: فاطر السموات والأرض، ولم يرد مجردًا من الإضافة، فمعناه مرتبط بما يضاف إليه، فإن اضفته إلى السموات والأرض والخق كان معناه ابتداء الشيء على غير مثال سابق، وهذا مختص بالله، وإن أضفته إلى المخلوق أريد به إحداث الشيء وإبرازه، أو فتحه، أو غير ذلك من المعاني اللغوية، ويروى عن ابن عباس أنه قال: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض، حتى جاء أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها.
ثالثًا: اسم الفاطر ورد في بعض طرق الحديث، ولا أعلم صحته بهذه الطرق، بل ورد من طرق ضعيفة.
رابعًا: التسمي باسم من أسماء الله تعالى يجوز إذا لم يكن هذا الاسم مما يختص به الله، وتجرد عن الألف واللام، فيجوز أن يتسمى العبد باسم: رحيم، كريم، عزيز، قوي، وهكذا، ومن هذا اسم فاطر، فوصف الإنسان نفسه بأنه فاطر لا يراد به نفس الوصف المضاف إلى الله جل وعلا.
خامسًا: إن إطلاق هذا اللفظ على المفطر لا يراد به إلا أنه غير صائم، ولا يتبادر إلى الذهن المعنى المختص بالله..
وعلى هذا فيجوز أن يقول الإنسان عن نفسه: فاطر، ولا حرج فيه إن شاء الله.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
المفتي الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين